أينما ذهبت تجده معك يؤرق حياتك فتسيطر عليه إلى أن تهدأ نفسك ولكن ما يلبث أن يتسلل إليك من جديد فيحيل حياتك الى جحيم تسعى للخلاص منه ولو دفعت كل ما تملك إنه كابوس العصر بالنسبة لشباب اليوم والمسمى بالقلق!
ليس هناك شاب على وجه الأرض لم يعاني من القلق يوما ما ولكن تختلف نسبة الإصابة من شخص إلى آخر، ويعاني منه الفتيان والفتيات فى الدول الفقيرة والغنية على حد سواء بل إن الأشخاص الذين يعيشون فى الغابات والصحارى البعيدة ليسوا بمأمن عنه والكلام للدكتور علي الحمادي مدير مركز التفكير الإبداعي بالإمارات.
نسبة الإصابة بهذا المرض زادت بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة فى كافة أنحاء العالم فهناك شرائح واسعة من المجتمعات المختلفة وفي جميع الأعمار تشكو بمرارة من هذا الداء الذي دمر استقرارها النفسي، وطبقا للحمادي فإن نسبة القلق ترتفع عند الإنسان الذي يعيش مهموما بالدنيا فى حين أن الشخص المسلم عندما يصاب بهذا المرض فإنه لديه الكثير مما يخفف عنه ويحصنه من الإصابة بالاكتئاب.
التفكير الإبداعي
ومن القلق ما هو مذموم معطل عن الحياة حيث يتعامل الشاب مع الأمور بطريقة سلبية فمثلا عندما يخاف على أولاده فإنه قد يمنعهم من الخروج من المنزل مما يؤثر سلبيا فى تكوين شخصيتهم، وهناك نوع آخر إيجابي حميد وفي هذا الحالة يدفع حب الشاب لأسرته إلى العمل وكسب العيش للمساهمة فى احتياجاتهم الضرورية وذلك بحسب ما ذكره الحمادي فى برنامج “أنت والحياة” الذي بثته فضائية الأقصى مؤخرا.
وبحسبه فإن هناك أسبابا كثيرة تؤدي إلى شعور الإنسان بالقلق منها عدم الرضا والطمأنينة والتكالب على الدنيا والحرص عليها والنبي صلى الله عليه وسلم قال “من كانت الآخرة همه جعل الله غناه فى قبله وجمع عليه شمله وأتته الدنيا وهى راغمة، ومن كانت الدنيا همه فرق الله شمله وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له” وطبقا لخبير التنمية البشرية المعروف فإن التفكير فى الدنيا مطلوب لكي تكون وسيلة تقودك إلى الجنة.
نعم كثيرة
و طبقا للحمادي فإن الخوف من زوال النعمة يعد من أبرز أسباب القلق فالإنسان ينسى كل نعم الله عليه ويفكر فقط فى الحصول على المال ويخاف من ضياعه، وكان أحد الحكماء يقول “ما فكرت فى الدنيا قط إلا عندما حفيت أرجلي، ولم أستطيع أن اشتري حذاءا فذهبت الى مسجد الكوفة فرأيت رجلا بلا رجلين فحمدت الله وشكرته على نعمه الكثيرة”!
وللشفاء من مرض القلق ينبغي للإنسان أن يجعل له أهدافا سامية فى الحياة يفكر فيها دائما ويسعى إلى تحقيقها، وعلى حد قول الحمادي فإن الشاب يجب أن يحول قلقه إلى قلق حميد يدفعه إلى تغيير حياته إلى الأفضل حتى يشعر بالسعادة، كما يجب أن يجعل الإنسان الرضا بقضاء الله وقدره شعاره فى حياته كلها.
كما يجب أن يحرص الإنسان على أن يكون لديه مقياس يراقب به درجة القلق التي يشعر بها في شتى الأوقات حتى يتمكن من جعله على الدوام في مستواه الطبيعي، وحسب قول الحمادي فإن اختفاء القلق بالكامل من حياة الإنسان ليس مستحبا.