مرت عليّ ظروف كثيرة في حياتي، كااانت ثقتي بنفسي وأنا صغير كبيرة جدًّا، إلى حد لا يوصف، لكن حدثت ظروووف كثيرة في حياتي غيرتني – جعلتني لا أثق بنفسي- أخاف من طرح السؤال – لا أستطيع أن أجمع معلومات لطرح سؤال بسيط، مع أني كنت من الذين إذا سألوا أسأل بشكل جيد، وبدون تردد – لا أعبر عن رأيي – أحافظ على شعور الآخرين وإن كان ذلك على حساب حريتي، بالله عليكم أسألكم: ما العمل؟.
أخي الحبيب، أعزك الله، وزانك بفضله وعلمه وحكمته.
أطمئنك – أخي الحبيب- بأن الكثير من الناس يشتكي فقدان الثقة بالذات، ويتألم لضعف احترامه لذاته، فالبعض قد يترك وظيفته، والبعض يخاف من اتخاذ قرارات في غاية الأهمية والمسئولية لنفس السبب.
والعديد من المشاكل تنشأ بسبب ضعف احترام الذات، والسبب في ذلك أن الأساس الذي يحرك الإنسان مهزوز؛ فمن الطبيعي أن تخرج منه أشياء مهزوزة كذلك!.
إن موضوع الذات، واحترام الذات، واكتساب الثقة الكافية، أمر في غاية الأهمية؛ لما له من دور في سلوك الإنسان، ومشاعره تجاه نفسه والآخرين، ولكن – قبل كل شيء- أريد أن أوضح نقطة مهمة، وهي أن الثقة بالنفس غير محببة، باعتبار أن النفس ربما تكون أمارة بالسوء، فيصاب صاحبها بالعجب والغرور، والأَولى أن نبدل كلمة “الثقة بالنفس” إلى كلمة “تقدير الذات”، ونجعل ثقتنا جميعًا بالله، بدلًا من ثقتنا بأنفسنا.
والآن، بعد أن اتفقنا على المصطلح تعال معي إلى نقطة مهمة أخرى، وهي الطفولة، وقد ذكرت أنك كنت جديرًا بذاتك، وعندك تقدير لها كبير، فما الذي حدث؟، هل هناك من حادث ما أو موقف سلبي مررت به، جعلك تتردد أمام الناس، في التعبير عن ذاتك، وتخاف التحاور والتعبير عما يدور في خلجاتك؟.
ابحث عن هذا الموقف، وارجع إليه بالذاكرة، وعالج الموقف، وانتصر على حالة الضعف التي مررت بها حينها.
ولعلك مررت بأسباب أخرى غير الطفولة البائسة، أو المواقف السلبية؛ التي يمر بها الإنسان وهو طفل، مثل:
– الشعور بالنقص
إنه الإحساس الداخلي الذي يملك الإنسان، ويُشعِره بالقصور والنقص إزاء الآخرين، فيفقد ثقته بنفسه تمامًا.
– التركيز على الآخرين
مشكلة كبيرة أن يربط الإنسان حياته بالآخرين.. فهو بذلك يتخلى عن الاستقلالية.. والتخلي عن الاستقلالية يعني فقدان الثقة بالنفس.
– الصورة الذهنية
عندما يعتقد الإنسان أنه لا يستطيع أن يقدم.. وعندما يعتقد أنه لا يستطيع أن يحقق النجاح الذي حققه الآخرون.. فسوف يصبح كذلك بالفعل.. لقد أصدر حكمًا على نفسه بالفشل، ومن ثم سيحصد الفشل.
– التفسيرات الخاطئة
هذا الخطأ يرتكبه معظمنا، وذلك عندما نصف الشخص فاقد الثقة بنفسه بأنه مؤدب.. شديد الخجل.. عاطفي.. مسالم.. وفي المقابل قد نصف الشخص الواثق بنفسة بأنه مغرور، أو أنانيّ، أو غير مؤدب، أو أنه لا يحترم الآخرين.
ويمكن معالجة هذه الأمور التي تضعف من تقدير الذات، وإكسابها الثقة، بما يلي:
1- الحديث الداخلي الإيجابي (أنا واثق بنفسي، أنا أستطيع أن أفعلها، إنها سهلة, أنا أقدر، أنا مبدع، أنا متفائل،…. إلخ.. وخاصة فيما يخص التحدث أمام الآخرين، فلا بد أن تتحدث مع نفسك بإيجابية، بأنك قادر على الكلام، وبنفس الوقت تذكر أن الناس لن يأكلوك أو يهينوك أو يضربوك – لا سمح الله- حتى وإن أخطأت، ولكن ثق بأنهم سوف يحبون ما تقول؛ لأنك تستحق هذا، وجرب، واسأل مجرِّبًا.
2- مضاعفة الشعور بالثقة عند التعرض لمواقف الثقة، وذلك عن طريق البناء على الخبرات الإيجابية القديمة، وتذكر معي – أخي الحبيب- هل في مرة من المرات تكلمت مع أحد واستمع إليك بإعجاب وإصغاء؟، إذا كان الجواب نعم… فانطلق، وحاول أن تعيد التجربة مرة أخرى، وستجد الناس ترحب بها بكل تأكيد، وكما نحجت أول مرة في التحدث، ونلت الإعجاب، فستنال الأمر نفسه إن كررتها مرة ثانية وثالثة.
3- البرمجة الإيجابية من خلال الآخرين (أولا: صد أي كلام سلبي حول ثقتك بذاتك, ثانيًا استمتع بمدح الآخرين, وافعل الأشياء التي تجعلهم يُبدون إعجابهم بك).
وتذكر، أن سطوري هذه ليست أكثر من إضاءات، لا تسمن، ولا تغني من جوع، إن لم تجربها، وتعمل بها، وتنزلها على أرض الواقع، وإلا فلن تؤتي أكلها وثمارها، لا هي، ولا عشرات الحلول أمثالها، فالحل بيدك.. جربِّ، وستنجح بإذنه (تعالى).
وأخيرًا، أعلق على ما ذكرتَ بأنك تحافظ على مشاعر الآخرين على حساب نفسك، وهذا جميل، ودليل دماثة الخلق النبيل، والإيثار الذي امتدحه الإسلام، وترك المراء والجدل؛ الذي يجازي الله عنه بأعلى مكان في الجنة، ولكن كما تعرف – يا صديقي- فإن كل شي زاد عن حده انقلب إلى ضده، وإن الملح كما هو ضروري في الطعام، ولكنه إذا زاد استحال أكله واستساغته، فاضبط حبك للآخرين بميزان منضبط، ولا تدع هذا الحب والاحترام يتغلب على ذاتك، ويجعلك تقلل من قدرها واحترامها، بل يجب عليك أن تقول الحق بشجاعة، وبأسلوب مناسب، حتى وإن تضايق الآخرون، ما دمت على الحق، ولا تختبئ ونفسك وراء ذريعة الاحترام، بل بالعكس من لا يحترم ذاته لا يحترم الآخرين، فالحب والاحترام يعني تقدير الذات أولا، والبقية تأتي