المحتويات
آثار مشهد الشاب المنتحر شنقا على كوبري قصر النيل بوسط القاهرة قلق الشارع العربي من تفشي ظاهرة الانتحار بين الشباب لاسيما في البلدان العربية الأفقر، فقد تلقت وزارة الداخلية المصرية في العام الماضي 3 آلاف بلاغ انتحار لشباب في سن لا يتعدى 40 عاماً، ومعظمهم من العاطلين ممن لم يجدوا فرصة عمل، أو ممن فشلوا في تحقيق حلم حياتهم بالزواج من فتى أو فتاة أحلامهم لنقص الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد الدكتور حاتم آدم استشاري الصحة النفسية أن هناك دوافع للانتحار تتمثل في غياب الوعي الديني والإحباط لعدم إشباع الدوافع الأساسية اللازمة للحياة.
واتهم الدكتور آدم الإعلام وما يعرضه من تفاصيل حالات الانتحار فيعرض قصة المنتحر وكأنها قصة كفاح .. فإشاعة تفاصيل قصة المنتحر أشبه في رأيه بإشاعة الفاحشة مما يسبب في ارتفاع معدلات الانتحار.
وأوضح آدم أن الشباب المقبل على الانتحار تبدو عليه علامات الانعزال وعدم الاختلاط بالآخرين بالإضافة إلى الاكتئاب الشديد .
ويرى استشاري الصحة النفسية أن علاج هذه الحالة المرضية يتم عبر عرض الشاب الذي تظهر علية العلامات السابقة على الطبيب النفسي ولا حرج من حجزه في المستشفى لتلقى العلاج .
وشدد على دور الدولة في التوعية ونشر الثقافة الدينية بين الشباب، موضحا أننا افتقدنا لدور الشيخ والخطيب في المسجد للتركيز على بيان الحرام والحلال!
الكبت
وتعتبر الدكتور عزة سلام أستاذ ورئيس قسم التربية بجامعة المنيا أن الإنسان الذي يقدم على الانتحار غير سوي ومنعزل ومنطوي منذ طفولته فالشاب لا يقدم على الانتحار بشكل فجائي بدون مقدمات .
وترى د.عزة أن الانتحار سببه سوء التربية التي تولد العقد النفسية بسبب المقارنات بأطفال آخرين لأن المقارنة بين الطفل وغيره سواء في الدراسة أو المظهر أو الشكل تخلق نوعا من العقد وتدفعه نحو الانتقام لذا فالمفترض أن نقارن الطفل بنفسه.
وحذرت د.عزة من انشغال الآباء والأمهات عن أولادهم وافتقاد لغة الحوار والمناقشة مما يتسبب في الشعور بالكبت، معتبرة التمييز في التعامل مع الأبناء سواء في الدراسة أو الشكل السبب الرئيسي في ترك بصمات نفسية سيئة.
وانتقدت د.عزة التعامل في المدرسة بين الطالب والمعلم والذي لا يسمح بمناقشة الطلاب في أفكارهم أو عرض آرائهم والتركيز فقط على ما جاء في الكتب مما يترك آثارا سلبيا على الطلاب.
وحذرت من عدم ممارسة الطلاب الأنشطة المدرسية المختلفة بسبب تعنت إدارة المدرسة واعتبارها هذه الأنشطة مضيعة للوقت، مهاجمة في الوقت نفسه الإعلام الذي يركز على نشر الجريمة بأدق تفاصيلها مما يشكل وسيلة سهله للشباب ليتعرف على فنون الجريمة والانتحار، مطالبة دور العبادة بجمع تبرعات أسبوعيا من خلال صلاة الجمعة لحل مشكلات الشباب غير القادر على الزواج.
وكشفت الدكتور حنان زين الاستشاري الاجتماعي والأسري أن افتقاد الأمل في النجاح والحصول على عمل يؤدي إلى اليأس من الحياة.
واعتبرت أن الإعلام يقدم الانتحار على أنه الوسيلة الوحيدة للهروب من المشاكل، مطالبة بتكاتف الإعلام والمجتمع لعلاج هذه المشكلة لتقديم نماذج ناجحة من الشباب.
خلل تربوي
ويرى الدكتور سعيد طعمية أستاذ التربية بجامعة عين شمس أن من الجيل الحالي من الشباب من له طموحات زائدة يتعجل في تحقيقها رغم عدم وجود إمكانيات، فالكثير من الشباب يريد أن يبدأ من حيث انتهى الآباء وهذا يرجع إلى وجود خلل في التربية لأنه لم يربى على الصبر والقناعة والمثابرة.
وأضاف: خلال فترة الانفتاح حدث تراجع في الطبقة المتوسطة التي كانت تعمل على الموازنة في المجتمع. فهذه الطبقة أصبحت الآن شبه مختفية ولا يوجد سوى طبقتين الفقيرة والعليا، فضلا عن سيادة القيم المادية التي تسيطر على العلاقات وتوجّه السلوك، فنجد أن الشاب ضعيف الشخصية يقدم على الانتحار كنوع من الهروب من الفقر لأنه لم يربى على الأخذ بأسباب مكافحة الفقر.
البطالة
وأكد الدكتور أحمد جويلي وزير التجارة والتموين المصري الأسبق وأمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية والعربية أن البطالة والعوز من أسباب انتحار الشباب، مشيرا إلى أنه في ظل الظروف الاقتصادية الحالية لا يستطيع الشاب الحصول على احتياجاته الأساسية فيشعر بأن الطريق مسدودة أمامه، لذلك فدور الدولة أن توفر فرص عمل كثيرة للشباب وتطبق تجربة بنجلادش والهند من خلال تمويل بعض الأنشطة المتناهية في الصغر للحد من الفقر، بالإضافة إلى مراعاة تثقيف الشباب دينيا.