
المحتويات
صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، عام 2007م، كتاب “كيف تخلص شخصًا تحبه من براثن الإدمان” للدكتور أحمد شهيب،
وفيه يؤكد دكتور شهيب أن الحب القوى الذي يدفعنا لحماية من نحبهم حتى وإن كانوا في طريق الخطأ هو حب خاطئ،
لابد من إصلاحه، وهذا الكتاب يساعد أولياء الأمور والمربين والمعلمين، على علاج حبهم الخطأ عمليًا؛ حتى يساعدوا من يحبون، ويساعدوا في نفس الوقت أنفسهم على اعتياد سلوكيات سليمة، حتى يجدوا أنفسهم ويجدوا من يحبون في حياة أفضل..
و الإدمان خطر مزمن يطل علينا كل حين بأسلحة جديدة، ووجه قبيح، وهذا الكتاب هو صيحة لإطلاق بواكير الحب والتعاون، ويمد يد العون، ويشهر سيف العلم والمقاومة في وجه هذا العدو؛ الذي لن يُقضى عليه سوى بالحب والتعاون والمصاحبة؛ لنخلق حياة جديدة.
طبيعة المرض الادمانى
في الفصل الأول من الكتاب يوضح المؤلف طبيعة المرض الإدماني ويقول: هناك أربع سمات لهذا المرض الإدماني وهي أنه:
- مزمن.
- ومتطور .
- ورئيسي .
- ومميت .
وفي اغلب الأحوال يتطور المرض الإدماني في بداية مرحلة البلوغ أو في مرحلة المراهقة ويستمر في التطور بمراحله المتنوعة حتى وفاة المدمن،
والعلاج فقط هو الذي يمكن أن يوقف تقدم حالته الخامدة، حتى عندما يتخلى المدمن عن الكحول والمخدرات، أما في حالة مرض السكري تشمل هذه الوسائل إعطاء المريض الأنسولين، والتحكم في نظام غذائه.
مريض القلب والادمان
وبالنسبة لمريض الأزمة القلبية، فإنه يتم إعطاؤه بعض الأدوية، بجانب تنظيم غذائه وممارسته للتمارين حتى يتجنب حدوث أزمة قلبية ثانية، وبالنسبة لمرضي السرطان فهم أقل خطأ؛ فحتى مع وجود العلاجات المتاحة فإن احتمالات عودة المرض عالية عمومًا، أما المرض الإدماني فتتركز العلاجات المقترحة له حول الانقطاع عن التعاطي، والانخراط في برنامج للشفاء.
اسلوبان لعلاج الادمان
ويشير د. شهيب إلى وجود نمطان سائدان للعلاج نمط الاستمرارية ونمط فقدان القدرة على التحكم:
النمط الأول : هو نمط الاستمرارية، في هذا النمط يستخدم العقار بشكل رئيس؛ للتحكم في “أعراض الانسحاب”، ومن ثم يراه المدمن كعلاج له، ورغم أن مدمني هذا النمط قد يستهلكون كميات كبيرة من عقار معين، على مدار فترة ممتدة من الوقت، فغالبًا ما يحميهم تحملهم المتزايد، وقد تظهر عليهم بعض أعرض التسمم الواضحة.
أما النمط الثاني (فقدان القدرة على التحكم ) : يشتمل على علامات فقدان القدرة على التحكم؛ التي تكون عادة في ثلاث مناطق رئيسة، وهي: الكمية المستهلكة، والمكان أو الوقت الذي يتم فيه التعاطي، ودوام فترة التعاطي.
وسوف يمكننا أن نستخدم هذه المعرفة بالمرض لعمل إستراتيجية من أجل التدخل، ومن أجل العلاج، ومن أجل الشفاء، أو إن شئت قل من أجل الحياة، وهذا هو مقصد الكتاب.
كيف يتورط المدم نفى هذا المرض القاتل؟
وقد جاء الفصل الثاني تحت عنوان “اكتساب الفعالية تحولك إلى قوة تدخل”، ويقول المؤلف، إذا كنت مرتبطًا بشخص يدمن الكحول أو المخدرات؛ فمن المحتمل أنك تقضي جزءًا كبيرًا من وقتك تحاول أن تعرف كيف تجعله يدخل برنامجًا للعلاج، وإذا لم تجد إجابة لذلك، فربما لأنك تسأل السؤال الخاطئ، كيف ينجح المدمن في تجنب العلاج؟،
لأن اللغز الحقيقي هو كيف يتورط هؤلاء الأشخاص بشدة في مرض قاتل، دون مواجهة الحاجة إلى المساعدة، قد تبدو تلك الفكرة غريبة بعض الشيء في بادئ الأمر، وربما أصبحت على قناعة بأن دخول هذا المدمن إلى برنامج العلاج يتطلب حدوث معجزة.
وها نحن نقول لك: إن عدم وجوده فيه هي معجزة صغرى،
فكر في الأمر بهذه الطريقة: هل يستطيع معظم المدمنين أن يتعاطوا الكحول أو المخدر طوال حياتهم، دون أن يمروا بالكثير من المشاكل، بالطبع لا، ولو استطاعوا ذلك، لما حول أشخاص مثلك أن يجعلهم يدخلون برامج العلاج، إنك تبحث عن المساعدة، لأن تعاطي المدمن للكحول أو المخدر يسبب الكثير من المشاكل، ورغم كل تلك المصاعب يقاوم المدمن بنجاح دخوله برنامجًا للعلاج.
3 اسباب تحول بين المدمن وبين العلاج
وهناك ثلاثة أسباب لذلك، الأسباب تقف حجرة عثرة بين المدمن والعلاج.
1- الدفاعات: يتقن المدمنون استخدام أساليب دفاعية لتبرير الجوانب السلبية في تصرفاتهم.
وأشهر أسلحة الدفاعات سلاح الإنكار، وهو عدم القدرة على إدراك مشكلة ما في مواجهة دليل دامغ.
وهناك دفاع آخر وهو الدفاع بالتبرير: وذلك باختلاق أعذار للمشاكل التي سببها تعاطي الكحول أو المخدر.
2- وصمة العار: لا تخدعك تلك الشهرة التي تصحب بعض المشاهير لإدمانهم الكحول، أمثال بيتي فورد وليز تايلور، فليس مصدر فخر لك أن تكون أول شخص في الحي الذي تسكن به يدخل مصحة للعلاج من الإدمان.
3- تجنب العواقب: لكن أهم عقبة أمام دخول المدمن مرحلة العلاج، رغم المشاكل التي يسببها الإدمان، هي أنهم ينجحون في الهروب من عواقبه.
التحول إلى دور المحرض على التغير
ويوضح د. شهيب، أن الأشخاص الذين يساعدون المدمن على إدمانه؛ الذين قد يشعرون بالعجز التام في مواجهته، هم نفس الأشخاص الذين بإمكانهم تشجيع المدمن على التغير.
لذلك؛ فمن المنطقي أنه إذا قام الشخص الذي يساعد المدمن بتغيير سلوكه جذريًا، بأن يتحول إلى دور المحرض على التغيير، فهناك احتمال كبير أن يغير المدمن من سلوكه الإدماني من سلوكه الإدمانى أيضًا.
ويقول: داخل العائلة، ابحث عن الشخص الذي تستحوذ عليه مشكلة تعاطي المدمن الكحول، لدرجة تعوقه عن أداء أنشطته؛ الذي قد يقول: أود أن أقوم “بالذهاب للنزهة أو استشارة الطبيب”، ولكني أخشى من تأثير ذلك على مدمن الكحول، أو الذي تسمع فيه عبارة، مثل: لا أستطيع التركيز في العمل، إنني قلق بشأن ما سوف يحدث عندما أعود إلى المنزل.
ابحث عن ذلك الشخص الذي لا يحرك ساكنًا
ابحث عن ذلك الشخص الذي لا يحرك ساكنًا، وغير قادر على معالجة مشكلته، ورغم ذلك لا يستطيع أن يتقبل الأمور كما هي، إن هذا الشخص الذي يقوم بدور المساعد الرئيس يخشى من فعل أي شيء؛ لأنه يشعر بأن أي شيء سوف يفعله سيؤدي إلى أن تصبح الأمور أكثر سوءًا.
ابحث عن ذلك الشخص الذي تتناقض أفعاله مع هدفه المعلن
ابحث عن ذلك الشخص الذي تتناقض أفعاله مع هدفه المعلن، إن الشخص الذي يحرض المدمن على التغير هو شخص سلوكه يجبر المدمن على أن يدرس أبعاد المشكلة وخطورتها، ويشجعه على طلب المساعدة، ومعظم الذين يقومون بدور التحريض من أجل التغير كانوا في الأصل مساعدين رئيسيين للمدمن، لكنهم تعلموا من أخطائهم، وكثيرًا ما أصبح لدى المدمنين حافز للعلاج؛ بسبب التغير الذي بدأ يطرأ على الذين من حولهم.
الحض على التغير مواجهة الشخص المدمن
وفى الفصل الثالث والذي يحمل عنوان “الحض على التغير مواجهة الشخص المدمن”: يقول المؤلف:
افترض أنك عملت على تغير سلوكك، وعلى التخلص من هذا السلوك الذي يساعد المدمن، لكن لا يزال المدمن على عناده ورفضه، لأن يصدق بأن هناك شيئًا خاطئًا في سلوكه، لقد حان الوقت للتخطيط لمواجهة رسمية معه لإقناعه بالبدء في العلاج من الإدمان.
ثم يستعرض الجوانب العملية لتطوير مواجهة منظمة مع المدمن خطوة بخطوة.
والخطوة الأولى: مدى وخطورة المرض الإدماني “بمعني آخر اعرف عدوك”، تذكر أنك تكافح المرض الإدماني لا المريض نفسه، ولهذا السبب فإن السلوك الإدماني متوقع، وتطور المرض يجعل من الصعب على الشخص الذي يعاني أن يتجنب مواقف معينة، أيًّا كانت المحاولات التي يبذلها لتفادي ذلك.
وفي المرحلة المتوسطة: عندما يكون فقدان التحكم عامًّا، وعندما تزداد المشاكل، تأتي المقاومة في شكل وسائل دفاعية “كالإنكار والتبرير والتقليل من خطورة والإدمان”، وسوف يتطلب التحدي للتغلب على هذه الدفاعات استعدادات وجهودًا كبيرة، لكن تصبح لدى الشخص الذي يقوم بدور المحرض على التغير ميزة مهمة، وهي أن حقيقة المرض أصبحت أكثر وضوحًا من المرحلة الأولى.
وفي المراحل المتأخرة غالبًا ما تتحول طبيعة هذا الدور بشكل دراماتيكي، بينما يكون المدمن في المرحلة المتوسطة قادرًا على فهم الحقيقة، قد يكون نفس هذا المدمن في المراحل المتأخرة تحت وطأة متلازمة المخ، تجعل الفهم الدقيق للحقيقة أمرًا مستحيلًا، وفي مثل هذه الحالات غالبًا ما يصبح الدور المحرض على التغير عملية إيجاد قوة دافعة، تكفي لإجبار المريض على اتخاذ قرار بالعلاج، حتى لو لم يكن يفهم احتياجه لذلك تمامًا.
10 أسس لبرنامج علاج جيد
أما الفصل الرابع فقد حمل عنوان “الأساس نحو إيجاد علاج جديد”: ويؤكد فيه الدكتور شهيب أنه إذا ما أدركت أن المواجهة ممكنة، فسوف تحتاج إلى برنامج علاج جديد، وإيجاد هذا العلاج الجيد هو مهمتك لسببين:
الأول: أن المدمن ليس في حالة تسمح له بتقييم علاجه بنفسه.
والثاني أن طريقة المواجهة أعدت لتؤدي بشكل مباشر نحو العلاج.
وأية فجوة بين موافقة المدمن وقبوله للمساعدة وبين بدء برنامج العلاج من الإدمان لن تكون في صالحة إطلاقًا، ويقول: وهناك عشرة أسس من أجل إيجاد برنامج علاج جيد، سواء كان هذا العلاج داخل المستشفى أم خارجها، لكنني أود أولًا أن نتحدث أكثر حول الاختلاف المهم، بين العلاج الذي يركز على تنفيذ المهام وبين العلاج الموجه للمشكلة ذاتها.
وهناك أسس تحدد العلاج الجيد:
عند البحث عن برنامج علاج للإدمان يهتم الكثيرون بما يتوفر في هذا البرنامج من المعدات، من تمارين وأحواض للسباحة وملاعب للتنس، وما إلى ذلك من الكماليات الإضافية غير الفعالة، وقد يطلعون على ما يقدم للمرضي من أطعمة جيدة، وعلى الأنشطة المتوفرة بعين تنصب أساسًا على التنوع، وعلى العناوين الرنانة.
وبالطبع هذا شيء خاطئ، فهناك الكثير من البرامج التي تهتم بهذه الكماليات، لكنها في نفس الوقت تقدم برامج علاجية من الدرجة الثانية، لا شك أن هذه الكماليات تُعَد إضافة رائعة لبرامج العلاج، ولكن لا ينبغي الاهتمام بها أكثر من العلاج نفسه، إننا نرى أن البرامج الجيدة يمكن أن تتم في مناخ، بغض النظر عن أية بيئة خارجية حول المريض، وكذلك الأمر بالنسبة للبرامج السيئة أيضًا.
لذلك؛ فقد وضعنا بعض الأسس التي يجب مراعاتها عند تحديد العلاج الجيد، أن يستخدم البرنامج نموذج المرض، وأن يوجه البرنامج نحو أهداف يقاس عليها، وأن يؤكد البرنامج على التعليم للمريض، وأن يركز البرنامج على التشاور الجماعي، ويتم اختيار أعضاء البرنامج حسب مهارتهم في علاج الإدمان، وأن تكون للبرنامج طريقة جيدة؛ لتحديد من ينبغي علاجه خارج المستشفى أو داخلها، وأن يكون للبرنامج فترة نقاهة جيدة، وينبغي أن يأخذ البرنامج مسألة الانقطاع التام عن التعاطي كمعيار للنجاح، كما أن تكون جودة البرنامج متماشية مع تكلفته، أيضًا ينبغي أن يبذل البرنامج جهدًا مناسبًا في تعليم المدمن، وفي تعليم عائلته أيضًا.
المهام العشر للعائلة، ولمن يهمهم أمر المدمن
وفى الفصل الخامس من الكتاب والذي حمل عنوان “المهام العشر للعائلة، ولمن يهمهم أمر المدمن”
يبين المهام العشر لأفراد العائلة لمساعدة المدمن، وتخليصه من الإدمان، ويقول:
المهمة الأولي: تعرف على المرض، وانخرط في عملية العلاج..
والمهمة الثانية: حدد السلوكيات التي تساعد المدمن على إدمانه..
أما المهمة الثالثة: مساعدته على التوقف عن تلك السلوكيات.
والمهمة الرابعة: افحص تفكيرك السبل التي تساعدك في ذلك.
والمهمة الخامسة: ابدأ الاستشارة الطبية.
والمهمة السادسة: ضع توقعات معقولة للمستقبل القريب.
المهمة السابعة: قلل التركيز على المدمن في الحياة اليومية.
أيضًا المهمة الثامنة: ضع في اعتبارك احتمال حدوث انتكاسة.
وبالنسبة للمهمة التاسعة: تعلم أن تتحكم في عواطفك.
أما المهمة العاشرة: تعلم أن تبحث عن التقدم لا عن الكمال.
خطة المهام العشرة لمدمن الخمور أو المدمن
ثم تنتقل بنا فصول الكتاب إلى الفصل السادس: “خطة المهام العشرة لمدمن الخمور أو المدمن“، ويقول الدكتور شهيب فيه: كما عرفنا من الفصل السابق، فإننا نحث أفراد العائلة على الانخراط بقوة في برنامج المهام العشرة للشفاء، لكن بغض النظر عما إذا كنت ستختار العمل بمثل هذا البرنامج أم لا، فإن مدمن الخمور أو مدمن المخدرات المتعافي يجب أن يسير عليه.
فخطر الانتكاسة متوقع جدًا في الشهور الأولى إذا لم يتم اتباع مثل هذه الخطة، أو هذا البرنامج، ولقد كتبنا المهام العشرة في هذا الفصل كما لو أننا نتكلم مباشرة إلى الأشخاص الذين يتعافون من الإدمان أنفسهم، وبينما أنت تقرأ هذه المهام من أجل مساعدة من تحبهم، تخيل بأنك مدمن الخمر أو مدمن المخدرات، هذا هو ما ننصحك للقيام به.
المهمة الأولى: توقف عن تعاطي الكحول والمخدرات
فإن هذه هي المهمة الأولى للتحسن: لتطهير الدماغ والجسم من المواد الكيمياوية السامة، وما لها من آثار وخيمة، كيف تعرف أنك تدمن عقارًا بعينة؟، يخالجك شعور سيئ عندما لا يتوفر لديك هذا العقار، وتتفاوت متلاومات الانسحاب من العقار، بناءً على بعض أو كل العوامل التالية: المخدر أو المخدرات المستخدمة، ونوعية المخدر أو كمية أو مدة الاستعمال، والفروق الفردية من حيث الصحة ومرحلة المرض.
لكن ما يصبنا بالدهشة دائمًا عندما نرى أن البعض يُعقد هذه المهمة، ويرتكبون بعض الأخطاء؛ التي منها:
التقليل من الكمية التي يتم تعاطيها، والتحول إلى مخدر أقل، والتوقف عن بعض المخدرات دون الأخرى.
التوقف والبدء مرة ثانية: إنها فترة الامتناع الممتدة التي تجلب الصحة، إن ركوب قطار الشفاء والنزول منه يؤدي إلى بعض التحسن، لكن لن يحدث تغير دائم، فتعاطي الكحول أو المخدرات بعد فترة قصيرة من الامتناع عنها، مثل تعريض نفسك إلى فيروس الأنفلونزا بعد أن بدأت في الشفاء من مرض الغدة النكفية، لكنك لا تعود بصحة تامة، بل أقل مرضًا من ذي قبل، كيف أعرف موعد انتهاء هذه المهمة؟، عندما تكون قد أكملت برنامج علاج داخل المستشفى أو خارجها، تحت إشراف طبيب مختص.
المهمة الثانية: اعرف مرضك
إنك بالتأكيد تعرف الكثير عن تعاطي الكحول أو المخدر، لكن ذلك لا يعني أنك تعرف كثيرًا عن المرض الذي يسببه، إن مدمن الخمر العادي الذي يدخل معالجة قد يعرف كل شيء عن كونه مريضًا، لكنه يمتلك القليل جدًّا من المعلومات حول الشفاء؛ لذا ينبغي على مدمن الخمور أن يتعرف على مرضه قدر المستطاع، آخذًا في الاعتبار حقيقة أنه الوحيد الذي يجب أن يعالجه، تلك هي مهمتك: أن تكون خبيرًا في علاج الإدمان.
المهمة الثالثة: استخدم هذه المعلومات للتشخيص الذاتي:
الآن وقد استبدلت المعلومات السيئة بأخرى جيدة، استخدم هذه المعرفة لتشخص مرضك، لماذا؟؛ لأن ذلك هو مصدر الحافز لك من أجل شفائك، وبدون التشخيص الذاتي، فإن فرص شفائك التام من إدمان الكحول قد تكون ضعيفة.
وهذا أمر لا بأس به لأنه وضعك على طريق الشفاء، لكن كلما طال أمد انقطاعك عن الإدمان، شعرت بتحسن أكثر، وبدت المشكلة التي كنت تعانيها أكثر بعدًا، وبفهمك أن مشكلتك كانت نتيجة مرض مزمن ومتطور، بل قاتل أيضًا، وإذا لم يتم علاجه فسوف تدرك حجم المشكلة تمامًا، إن التشخيص الذاتي من أهم مهام العلاج لأنه يحض على عملية الشفاء ذاتها.
المهمة الرابعة: قلل من تفكيرك في الماضي: قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن صدق.
المهمة الخامسة: أعد ترتيب أنشطتك لدعم عملية الشفاء.
المهمة السادسة: اجعل انقطاعك عن التعاطي أمرًا غير مشروط.
المهمة السابعة: أعلم أشخاصًا يهمهم أمرك بخطتك للشفاء.
المهمة الثامنة: ادرس العوامل التي قد تسهم في حدوث انتكاسة في المرحلة الأولى لعملية الشفاء.
المهمة التاسعة: أعد خطة للوقاية من الانتكاسة.
المهمة العاشرة: ضع هذه الخطة موضع التنفيذ.
هناك فارق كبير بين التخطيط والتنفيذ؛ فالكثير من الأمور تبدو رائعة عندما تخطط لها، لكن كيف يمكن نقل ما خططت له إلى معترك الحياة؟.
أعراض مرحلة بداية الشفاء
ثم تبدأ صفحات الفصل السابع” الحياة في الأشهر التي تعقب الإدمان”، حيث يقول د. شهيب: يحدث الشفاء في مراحل، شأنه في ذلك شأن النزول إلى قاع الإدمان، ويعتمد سلوك المدمن خاصة عند استجابته للتوتر كثيرًا على مرحلة شفائه الحالية، كما يعتمد على العوامل الأكثر وضوحًا مثل الشخصية.
المرحلة الأولى: الجيشان العاطفي والتغير المركزي: هذه المرحلة الأولى، والتي تعرف بفترة “الازدياد” تتراوح ما بين ثلاثة أشهر إلى اثني عشر شهرًا.
وهناك ثلاثة أسس لفهم السلوك أثناء هذه المرحلة.
الأساس الأول: فهم الجيشان العاطفي، العواطف كأية وظيفة أخرى من وظائف المخ، تتأثر كثيرًا بالتصدعات التي تحدث في الجهاز العصبي نفسه؛ ولهذا السبب فإن الاستجابات العاطفية للضغوط، كالخوف والغضب والحزن، يمكن أن تزداد أو تقل حدتها في بعض الحالات؛ بسبب العقاقير التي تتعاطاها.
وعندما تأخذ بعض المهدئات، فإنك ترفع من حساسيتك نحو البيئة المحيطة بك، وقد تشعر في الحقيقة بزيادة في حدة التوتر والعواطف أثناء الإدمان، تتشوه ليس فقط بفعل العقار الذي تتعاطاه، ولكن أيضًا بالانسحاب منه عندما لا نتعاطاه، ويكون هذا التشوه كبيرًا، لدرجة أنه حتى بعد تركك للعقار قد تجد عواطفك زائدة، وقد تبالغ في رد فعلك على المواقف والأحداث التي تتعرض لها يوميًا.
الأساس الثاني: فهم فسيولوجية الشفاء المبكر، وأثرها على السلوك: يعرف معظمنا التغيرات النفسية التي يجب أن تحدث أثناء مرحلة الشفاء الأولى، لكن التغيرات الفسيولوجية قد تكون دراماتيكية أيضًا، هذه التغيرات بالطبع تؤثر عليك، وعلى المدمن أيضًا، وهي سبب لأن تقلق فقط إذا لم تكن مساعدًا لها، إذا لم تتقبل الحقيقة بأنك تتعامل مع مرض، وليست مجرد مشكلة أخلاقية أو سلوكية، وكل مرض مزمن له جدول زمني خاص به للشفاء من الإدمان.
وهناك مجموعة من الأعراض تحدث في بداية مرحلة الشفاء:
الأرق: هذا العرض هو الأكثر شيوعًا في بداية مرحلة الشفاء، وفي الواقع فإن المشكلة بالنسبة للعديد من المدمنين هي أنهم يغمضون قليلًا أثناء الليل، ثم يستيقظون دون أن يناموا مرة أخرى.
فترات التقلب المزاجي والاكتئاب: هذا العرض يختلف قليلًا عن الازدياد العاطفي البسيط، فبعض المدمنين الذي يتعافون من الإدمان يتأرجحون بين الكآبة والابتهاج، وآخرون يتأرجحون ما بين الدخول في حالة الاكتئاب والخروج منها، دون أن يدخلوا في حالة الابتهاج، ومن النادر أن تجد مدمنا يتعافى حديثًا من الإدمان لم يمر بهذا التأرجح، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة سنوات من تلوث المخ بالمواد السمية بفعل التعاطي، لكنها أيضًا علامة على وجود اضطراب نفسي، وتحتاج إلى مراجعة طبيب نفسي.
الرعشة: قد يحدث أن يريد ء المدمن أن يوقع شيكًا فيجد أن يديه ترتعشان، فيقول يا إلهي “إنني لم أتعاطَ الكحول منذ ثلاثة أشهر، فما الذي حدث لي؟، لا شيء سوى أن جهازه العصبي يفتقد العقار الذي كان يتعاطاه، لكن قد يكون ذلك أحيانًا علامة على ضعف التغذية، وكثرة استهلاك الكافيين، أو قد تكون لديه مشكلة في سكر الدم، إن كان يعانى من زيادة أو نقص بها راجع طبيبًا؛ لمزيد من المعلومات عن ذلك.
القلق: هو شعور بالخوف من شيء مرعب على وشك الحدوث، والشخص الذي يعاني من ذلك قد يشعر بالتوتر وسرعة النبض والصداع الخفيف وعندما يحدث ذلك دون سبب واضح فإننا نسميه بالقلق غير المسبب.
الارتجاع (الفلاش باك): تحدث أحيانًا أعراض سمية العقار خاصة تلك التي تتعلق بالتشوه الإدراكى بعد فترة ممتدة من الانقطاع عن الإدمان والارتجاع في حد ذاته غير ضار لكنه يثير القلق؛ لأن المدمن لا يستطيع أن يعزو ذلك إلى سبب معين، وقد يفترض أن ذلك إشارة على حدوث انهيار عصبي عنده، وفي أغلب الأحوال يمر هذا الارتجاع سريعًا، ولا يتطلب تدخلا علاجيًّا، لكن إذا استمرت مع المدمن، فعليه أن يراجع الطبيب.
سوء الأداء الجنسي: تصحب معظم حالات الأمراض الإدمانية نوعًا من سوء الأداء الجنسي، فعلى سبيل المثال يعجز الرجال عن ممارسة الجنس، وبالطبع يظهر أثر تعاطي الكوكايين على الأداء الجنسي.
الصداع: يتنوع هذا العرض من أشخاص لآخر؛ فبالنسبة للبعض يشكل الصداع صعوبة بالغة في بداية الشفاء، وبالنسبة للآخرين لا يمثل لهم مشكلة إطلاقًا، وغالبًا ما يرتبط بفترات الحيض عند النساء، وهو شائع بين مدمني المخدرات.
زيادة ونقصان الوزن: تغير وزن الجسم يرجع إلى حدوث تغيرات في الطريقة التي يعالج بها الجسم الأوجاع والآلام والتشنجات: هذا العرض يحدث خاصة للذي يتعافى حديثًا من الإدمان، وكان يعاني من إصابة قديمة، وقد ظهرت مرة أخرى نتيجة لصحوة الجهاز العصبي لديه.
النسيان: قد يرتبط ذلك بنقص الفيتامين والفيتامينات الضرورية الأخرى، وحتى مع وجود المكملات الغذائية فإن ضعف الذاكرة قد يصير طويلًا أثناء الشفاء من الإدمان، الحساسية ونزلة البرد والعدوى: من الأعراض أيضًا تزيد خطر الإصابة بنزلات البرد، وعدوى الجهاز التنفسي، والحساسية.
الأساس الثالث: فهم وجود الرغبة في التعاطي والتعامل معها: يجد المدمنون الذين يتعافون حديثًا من الإدمان، أنهم يشعرون بثلاثة أنواع من الرغبة في تناول العقار الإدماني.والرغبة تتفاوت كثيرًا من حيث الشكل والحدة، وأهم شيء يفعله الأشخاص في عملية الشفاء هي أن يتعملوا كيف يدركون هذه الرغبة، فيتعاملوا معها.
المرحلة الثانية: الجيشان العاطفي المعتدل: تتسم هذه المرحلة بحدوث تحسن ملحوظ في معظم نواحي الحياة، وهناك أيضًا عدة أسس لفهم السلوك الذي يظهر أثناء هذه المرحلة.
الأساس الأول: تغير في طبيعية الجيشان العاطفي الزائد: لاحظنا وجود نزعة واضحة للمبالغة في ردود الأفعال لمعظم أشكال التوتر، وهذا يختفي تدريجيًا
الأساس الثاني: ازدياد وتناقص الأعراض البدنية: تستمر بعض الأعراض الفسيولوجية في الظهور لدى معظم المدمنين، وذلك لسنوات عدة، فتكون هناك فترات ممتدة، يحدث خلالها هدوء لهذه الأعراض، تعقبها فترة تظهر فيها تلك الأعراض مرة أخرى.
الأساس الثالث: بقاء ذكريات للمواقف التي حدثت أثناء فترة الإدمان: لقد اتضح لنا على مر السنين أن الذاكرة تتطور أثناء الشفاء من الإدمان، وبالنسبة للبعض، فإن هذا ينطبق عليهم ليس فقط للمواقف التي تقع في حيز المدى القصير للذاكرة.
الأساس الرابع: الرغبة في التغير: عندما يستقر الشخص في انقطاعه عن الإدمان؛ فإنه عادة ما يبحث عن شيء آخر لينشغل به، أو زيادة اهتمامه بعائلته، إلى غير ذلك.
المرحلة الثالثة: انخفاض الجيشان العاطفي المحافظ: عند هذه المرحلة، يصعب إيجاد الفرق بين المدمنين وغير المدمنين في معظم المعايير النفسية؛ فالرغبة الجامحة للتعاطي تصبح شيئًا من الماضي، كما تنتهي معظم أعراض الشفاء، ويسهل على المدمن أن يتقبل نفسه كشخص عاديٍّ يتعافى من الإدمان، وتتناقص عنده التأرجحات المزاجية، وأحيانًا تمثل رغبة المدمن في أن يجانبه لكي يعوض الوقت الذي ضاع منه، أثناء سنوات التعاطي.
أسس تجنب الانتكاسة
ننتقل عقب ذلك إلي الفصل الثامن والذي وضعه المؤلف تحت عنوان الفصل الثامن “التكيف مع الانتكاس”، وهنا يقول للأسرة وللمتعاملين من المدمن: إن ما ينالك عند انتكاسة مدمن ليس يختلف كثيرًا عن الذي رأيت قبل العلاج الأول، بل هو أسوأ، وفي الحقيقة كل انتكاسة ستكون أكثر ضررًا بعض الشيء من التي قبلها.
وعلى نحو ما فإن أسوأ شيء حول الانتكاس هو الإحساس بالفشل؛ الذي يشعر به كل شخص، خصوصًا العائلة؛ إذ يقررون أن العلاج لم ينفع، الأمر بأكمله كان عديم الفائدة، ومجرد المحاولة لا جدوى منه، ولا شيء يمكننا فعله على أية حال، وفى حالات كثيرة هذا بالضبط ما تفعله العائلة، لا شيء، وفي هذه الأثناء يهبط المدمن أعمق وأعمق إلى منحدر الإدمان، هاويًا بمعدل أسرع من أي وقت مضى.
ويبين أن الأساس إلى تجنب الانتكاس: تطوير نظام الانتقاد الشخصي، ويقول: عندما يبدأ مدمنو الخمور بتقدير المدى الذي وصلت إليه سيطرة آليات الدفاع على تفكيرهم، يكون أول رد فعل لهم أن يبحثوا عن طريقة لتفاديها في المستقبل.
إن الحل العملي الوحيد هو تطوير نوع من “نظام الانتقاد” يسمح لأناس في موقفه باختبار تفكيرهم، قبل أن يتصرفوا بناء عليه، ضع نفسك في مكان مدمن خمور، أو مدمن مخدرات، عاد إلى صحوة حديثًا،
هذا ما سنعلمك فعله: أوجد نظامًا له العناصر التالية: رغبة من جهتك لسؤال الآخرين النصيحة قبل أن تُقدِم، شبكة من الأشخاص، وتثق بحكمهم، ويكونون متاحين لك بوجه عام، على دراية بمرض الإدمان، ودفاعات المدمنين، وستكون معهم صادقًا، يرغبون إخبارك، سواء كان ردك إيجابيًّا أم سلبيًا، وقد يحدث أن يكون نظام الانتقاد مفيدًا لك كأحد أفراد العائلة، كما هو مفيد للمدمن المتماثل للشفاء، هذا صحيح.
الفصل التاسع “برنامج الخطوات الاثنتي عشرة”
إذا كانت هناك ميزة واحدة كبيرة لمدمن تعافى حديثًا ولعائلته، على المريض بالسكر أو مريض القلب، فهي توفر زمالة “الاثنتا عشر خطوة”، إلى جانب نموذج المرض نفسه، لعله يكون المساهمة الرئيسة للقرن العشرين في معالجة الإدمان؛ فبدونها كانت ستزداد كثيرًا صعوبة التعافي من إدمان الخمور، أو إدمان المخدرات، في أمريكا اليوم.
لكن بالنسبة للغريب، بل لسوء الحظ لكثير من المدمنين؛ الذين عادوا لصحوهم حديثًا، وعائلاتهم، يمكن أن تبدو زمالة، وعلى نقيض الاعتقاد السائد، فليس كافيًا مجرد حضور لقاءات مدمني الخمور، أو مدمني المخدرات المجهولين، والأمل في نوع من التنافذ الروحي.
وحول كيف نشأ برنامج الخطوات الاثنتي عشرة؟، يقول: أخذت مجموعات المساعدة الذاتية للإدمان، بدايتها في الحقيقة من حركات المساعدة الذاتية المسيحية، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
وعلى مدى السنوات القليلة التالية، ساعد الاثنان على ولادة المنظمة المعروفة بمدمني الكحول المجهولين، وانتهت حركة أكسفورد، ولكن وليدتها أصبحت إحدى أعظم الحركات الاجتماعية والصحية في هذا العصر…
ولكن هل لديّ اثنتا عشرة خطوة خاصة به؟، إن مفتاح البرنامج في الخطوات الأولى الثلاث؛ فهي بسيطة جدًا، وفعالة بشكل ملحوظ، فهيا نراجعها كما تطبق تمامًا بنفس الطريقة على المدمن المخدرات المتماثل للشفاء… عم يتحدث الناس في الاجتماعات؟،
يتحدثون عما حدث منذ أن انضموا إلى الزمالة، وفى المناقشة أو اجتماعات الخطوات تتفاوت الصيغة؛ فرئيس ذلك المساء يعرض موضوعًا للمناقشة، لماذا هناك العديد من الاجتماعات؟، وأنواع كثيرة مختلفة من الاجتماعات؟، هناك العديد من الاجتماعات لأن هناك عديدًا من الناس لهم مشاكل تتعلق بالإدمان، وهم يحتاجون كثيرًا في طريق المساعدة.
إضافة إلى ذلك يفضل العديد من الأعضاء الاجتماعات الصغيرة؛ حيث هناك فرصة للمناقشة وهناك العديد من أنواع الاجتماعات لأن مجموعة ( الاثنتا عشرة خطوة ) تعمل على مبدأ “الجذب وليس الترويج”، إن التنوع الكبير للأشخاص مرضى الإدمان..
ما الغرض من الصاحب في الاجتماعات؟، إن العلاقة بين العضو وراعيه هي إحدى القوى الحقيقية للزمالة؛ فالصاحب في الاجتماعات يساعدك على إضفاء طابع شخصي على رؤيتك للبرنامج، وعلى تخصيص دروسه العديدة، وفق حاجاتك ورغباتك وأهدافك وتطلعاتك، إن الصاحب في الاجتماعات يساعدك على ترجمة الخطوات، ويوجهك خلال التقلبات الطارئة على إكمالها.
وأخيرًا، يذكرك الصاحب في الاجتماعات بقيمة أن يكون لديك صديق، بأحسن معاني الكلمة، وبأن علينا أن نعترف بأننا كنا عاجزين أمام الكحول، وبأن حياتنا كانت قد أصبحت صعبة، إن كل برامج الخطوات تتوقف على رغبة الفرد في الاعتراف بعجزه، وعدم قدرته على التحكم، ولنتذكر قدرة الله: فالاعتقاد بأن هناك أكبر من قدرتنا، يمكنها أن تعيدنا إلى رشدنا، ألا وهي “قدرة الله”.
وفى نهاية الكتاب جاء الفصل العاشر
” التدخل فعليًّا”
الذي يقول فيه المؤلف:
إن هذا الكتاب يوضح للأسرة وللمتعاملين مع المدمن أن هناك قليلا من الضوء في نهاية الطريق، ربما هم أمام العقبة الكبرى، الشعور بأن لا شيء تفعله سيكون له تأثير، والأهم أنه يجب أن ندرك – على الأقل- أنه لا يجب أن تنتظر مدمن الخمور أو المخدرات ليتغير أولًا، بل علينا الإسراع في مساعدته، وتقديم كل الدعم والرعاية والنصيحة له، وسرعة العمل على إنقاذه من براثن الإدمان
راسلنا على فيسبوك : 4shbb@